السلطة_التقديرية (الجزء الأول)
يعترف القانون الاداري للادارة بامتيازات بغية تمكينها من تحقيق الهدف الذي تسعى له وهو #المصلحة_العامة، وهذه الامتيازات هي امتيازات استثنائية اتجاه الأفراد فيم بينهم في القانون الخاص لأن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها القانون الخاص هي فكرة المساواة بين الأفراد الخاضعين لأحكامه وبالتالي عدم تميز فرد او هيئة خاصة بحقوق استثنائية اتجاه فرد آخر أو هيئة خاصة أخر ى.
ويُقصد بامتيازات السلطة العامة أن الإدارة تستخدم أساليب مغايرة للأساليب المألوفة في علاقات القانون الخاص يكون من شأنها وضع هذه الأخيرة في مركز متميز وأقوى بالنسبة للأفراد، والحكمة من هذا أن الإدارة عليها واجب تحقيق المصالح العامة للمجتمع وأيضا واجب إدارة المرافق العامة الأساسية بانتظام واضطراد.
وهذا الإمتياز الممنوح للادارة يجعلها في مركز أعلى من مراكز الأفراد والتي من شأنها منح الإدارة حرية أوسع من حريتهم في العمل وهذا الامتياز الممنوح في القانون يسمى بِ #السلطة_التقديرية.
يقصد بالسلطة التقديرية
#pouvoir_discrétionnaire
أن يترك المشرع للإدارة قدرا من الحرية في التصرف و هي تمارس اختصاصاتها القانونية، و ذلك وفقا للظروف دون معقب عليها. اذ لها الكلمة الأخيرة دون منازع. ففي مجال التأديب يقصد بالسلطة التقديرية للإدارة تمتعها بقسط من حرية التصرف في تكييف الفعل موضوع المخالفة التأديبية و تحديد ما يناسبه من جزاء تأديبي.
كماعرفها بعض الفقهاء بأنها : نوع من الحرية تتمتع بها الإدارة لتقدير الظروف والحالات التي تحدث في الحياة الواقعية، و اختيار وقت تدخلها و تقدير القرارات و الوسائل لمواجهة هذه الحالات، والغرض الأساسي من هامش الحرية الممنوح للادارة هو تحقيق المصلحة العامة خاصة في الظروف الاستثنائية التي تتطلب سرعة اتخاذ القرار .
عرف العلامة بونار السلطة التقديرية بأن سلطة الإدارة تكون تقديرية إذا ترك لها القانون الذي يمنحها هذه السلطة الحرية في أن تتدخل أو أن تمتنع، و ترك لها أيضا الحرية بالنسبة لاختيار زمن و كيفية و فحوى القرار الذي تقرره.
و تقابل السلطة التقديرية في الواقع العملي السلطة المحدودة أو المقيدة (مبدأ المشروعية) و تتحقق عندما يلزم المشرع الإدارة بتحقيق الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، و ذلك في إطار الأوضاع التي رسمها لها. بمعنى أن القرارات التي يتخذها مفروضة بالقانون مسبقا. و يقتصر دوره- في هذا الإطار- على تطبيق القانون على الحالات التي تصادفه عندما تتحقق أسبابها أو تتوفر شروطها، و أوضح مثال في هذا المجال منح ترخيصات معينة من الإدارة يصبح دورا شبه آلي. فلا تتمتع الإدارة بأي تقدير في سلطاتها، ذلك أنه بمقتضى السلطة المقيدة يضمن المشرع للأفراد أكبر قدر من الحرية، و يوفر له الحرية الكافية من تعسفها. و بالرغم من مزايا هذا النوع من السلطة إلا أن الإسراف فيه يرتب أسوء العواقب لأنه يؤدي إلى شل حركة الإدارة و يقتل فيها روح الابتكار و التجديد و يحد من نشاطها و يبت فيها نوع من الروتين البغيض. لذلك فان السلطة التقديرية لازمة وضرورية للإدارة خاصة بالنسبة للحالات المتعددة و المتشعبة التي تطرح أثناء تنفيذ أمر إداري معين و التي لا يمكن للمشرع بحال من الأحوال أن يحيط بها مقدما. فيضطر الى ترك هذه الأمورإلى الإدارة لأنها أولى بتقديرها وفقا لما تتمتع به من خبرة و تجارب و وسائل كفيلة بتدبير الأمور تبعا للروح العملية التي تتوفر عليها بمقتضى الإشراف المستمر على المرافق العامة في الدولة.