FET Forum

FET Support (International) => Algerian Arabic / (الجزائرية(العربية => Topic started by: Benahmed Abdelkrim on February 03, 2022, 03:58:01 PM

Title: السلطة التقديرية للادارة
Post by: Benahmed Abdelkrim on February 03, 2022, 03:58:01 PM

السلطة_التقديرية (الجزء الأول)

يعترف القانون الاداري للادارة بامتيازات بغية تمكينها من تحقيق الهدف الذي تسعى له وهو #المصلحة_العامة، وهذه الامتيازات هي امتيازات استثنائية اتجاه الأفراد فيم بينهم في القانون الخاص لأن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها القانون الخاص هي فكرة المساواة بين الأفراد الخاضعين لأحكامه وبالتالي عدم تميز فرد او هيئة خاصة بحقوق استثنائية اتجاه فرد آخر أو هيئة خاصة أخر ى.

ويُقصد بامتيازات السلطة العامة أن الإدارة تستخدم أساليب مغايرة للأساليب المألوفة في علاقات القانون الخاص يكون من شأنها وضع هذه الأخيرة في مركز متميز وأقوى بالنسبة للأفراد، والحكمة من هذا أن الإدارة عليها واجب تحقيق المصالح العامة للمجتمع وأيضا واجب إدارة المرافق العامة الأساسية بانتظام واضطراد.
وهذا الإمتياز الممنوح للادارة يجعلها في مركز أعلى من مراكز الأفراد والتي من شأنها منح الإدارة حرية أوسع من حريتهم في العمل وهذا الامتياز الممنوح في القانون يسمى بِ #السلطة_التقديرية.

يقصد بالسلطة التقديرية
#pouvoir_discrétionnaire
أن يترك المشرع للإدارة قدرا من الحرية في التصرف و هي تمارس اختصاصاتها القانونية، و ذلك وفقا للظروف دون معقب عليها. اذ لها الكلمة الأخيرة دون منازع. ففي مجال التأديب يقصد بالسلطة التقديرية للإدارة تمتعها بقسط من حرية التصرف في تكييف الفعل موضوع المخالفة التأديبية و تحديد ما يناسبه من جزاء تأديبي.

كماعرفها بعض الفقهاء بأنها : نوع من الحرية تتمتع بها الإدارة لتقدير الظروف والحالات التي تحدث في الحياة الواقعية، و اختيار وقت تدخلها و تقدير القرارات و الوسائل لمواجهة هذه الحالات، والغرض الأساسي من هامش الحرية الممنوح للادارة هو تحقيق المصلحة العامة خاصة في الظروف الاستثنائية التي تتطلب سرعة اتخاذ القرار .

عرف العلامة بونار السلطة التقديرية بأن سلطة الإدارة تكون تقديرية إذا ترك لها القانون الذي يمنحها هذه السلطة الحرية في أن تتدخل أو أن تمتنع، و ترك لها أيضا الحرية بالنسبة لاختيار زمن و كيفية و فحوى القرار الذي تقرره.

و تقابل السلطة التقديرية في الواقع العملي السلطة المحدودة أو المقيدة (مبدأ المشروعية) و تتحقق عندما يلزم المشرع الإدارة بتحقيق الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، و ذلك في إطار الأوضاع التي رسمها لها. بمعنى أن القرارات التي يتخذها مفروضة بالقانون مسبقا. و يقتصر دوره- في هذا الإطار- على تطبيق القانون على الحالات التي تصادفه عندما تتحقق أسبابها أو تتوفر شروطها، و أوضح مثال في هذا المجال منح ترخيصات معينة من الإدارة يصبح دورا شبه آلي. فلا تتمتع الإدارة بأي تقدير في سلطاتها، ذلك أنه بمقتضى السلطة المقيدة يضمن المشرع للأفراد أكبر قدر من الحرية، و يوفر له الحرية الكافية من تعسفها. و بالرغم من مزايا هذا النوع من السلطة إلا أن الإسراف فيه يرتب أسوء العواقب لأنه يؤدي إلى شل حركة الإدارة و يقتل فيها روح الابتكار و التجديد و يحد من نشاطها و يبت فيها نوع من الروتين البغيض. لذلك فان السلطة التقديرية لازمة وضرورية للإدارة خاصة بالنسبة للحالات المتعددة و المتشعبة التي تطرح أثناء تنفيذ أمر إداري معين و التي لا يمكن للمشرع بحال من الأحوال أن يحيط بها مقدما. فيضطر الى ترك هذه الأمورإلى الإدارة لأنها أولى بتقديرها وفقا لما تتمتع به من خبرة و تجارب و وسائل كفيلة بتدبير الأمور تبعا للروح العملية التي تتوفر عليها بمقتضى الإشراف المستمر على المرافق العامة في الدولة.
Title: Re: السلطة التقديرية للادارة
Post by: Benahmed Abdelkrim on February 03, 2022, 04:01:00 PM

السلطة_التقديرية (الجزء الثاني)

مبررات لجوء الإدارة إلى استخدام سلطتها التقديرية:

1/ المبررات القانونية:
يقصد بها ما يفرضه المشرع على الإدارة، من إستعمال سلطتها التقديرية في حل بعض المسائل التي لا يستطيع المشرع تنظيمها في نصوص بشكل دقيق. لهذا فالسلطة التقديرية ضرورية لتكملة النقص الذي يتركه التشريع، فمن المستحيل على المشرع توقع مسبقا كل الحلول وأمور الحياة المتغيرة. وعلى ذلك تأتي السلطة التقديرية تنظم حالات خاصة ومنفردة، بتفسير قواعد قانونية وتكملتها بما تقتضيه الحياة.
إذن السلطة التقديرية هي حتمية قانونية لابد منها لأداء الوظيفة الإدارية، ويؤكدها عجز المشرع عن الإحاطة بمختلف نشاطات الإدارة.
فالمشرع يأتي بقواعد قانونية عامة ومجردة لا يُفصل فيها، وترك للإدارة سلطة ملاءمة الظروف والوقائع والمستجدات مع نصوصه. كما نعلم للإدارة باع طويل في حل المشكلات التي تعترض العمل الإداري، لخبرتها وقدرتها على إدراك ما تواجهه خاصة وإن كان الأمر يتعلق بتسيير المرفق العام. لأن المشرع لا يستطيع أن يقيد الإدارة في كل شيء، خاصة والمصلحة العامة تقتضي عدم تقييد الإدارة في ظروف ووقائع لا يمكن التنبأ بها مستقبلا.

إن المشرع عندما يخاطب الأفراد الخاضعين لقواعده القانونية العامة المجردة، فإنه يحدد لهم الإطار القانوني الذي تكون فيه أفعالهم مشروعة، ولكن هذا لا يعني عدم ترك حرية لهم داخل هذا الإطار. والإدارة بحكم أنها من الأشخاص المخاطبين بهذه القواعد، فلها كذلك حرية الإختيار والتقدير داخل هذا الإطار.

2/ المبررات التنظيمية:
إعتر اف المشرع للإدارة بالسلطة التقديرية له عدة أسباب؛ عملية وواقعية وفنية، بالرغم من خطورتها على الحقوق وحريات الأفراد، إلا أن المصلحة العامة تقتضي ذلك الحيز من الحرية للإدارة في تقدير وملاءمة ما تواجهه من مشاكل التسيير. كما أن التقييد يعني جمود الإدارة عن تلبية حاجيات الأفراد وتقديم خدمة حسنة في المرفق العام، لأن الإدارة هي الجهاز التنفيذي للدولة في تطبيق سياستها واختياراتها في مختلف المجالات المتعلقة بالفرد والمجتمع، وبالتالي فإن السلطة التقديرية هي ضرورة حتمية لا غنى عنها أبدا في ممارسة نشاط الإدارة.

ومن المبررات التنظيمية للسلطة التقديرية للإدارة نجد:
أ/  إستحالة وضع قواعد عامة لكافة تفاصيل الحياة الإدارية:
لا يتصور أن يحيط المشرع بكل جوانب حياة المجتمع في أدق تفاصيله لكي ينظمه في إطار قانوني، فهو لا يستطيع أن يتنبأ بجميع الحالات والمسائل التي تعترض الإدارة. حتى يبين لها السلوك الذي تنتهجه والتصرف الذي تصدره.

ب/ فكرة الصلاحية الإدارية:
ويقصد بها خبرة الإدارة في معالجة الأمور الطارئة بما لها من تصور ومعرفة بالموضوع، لقربها منه وإحتكاكها اليومي بالممارسة في شؤون العامة. على عكس المشرع الذي يصدر قواعد قانونية مجردة وعامة، ولا يملك تلك الخبرة التي لدى الإدارة.

ج/ السلطة التقديرية ضرورية لفاعلية العمل الإداري:
نجدها بارزة في الظروف الطارئة وتدابير السير الإداري كحفظ الأمن العام والصحة العامة وضمان سير المرافق العمومية،  فالإدارة تجد نفسها مرغمة على مواجهة هذه الظروف الغير العادية حفظا للمصلحة العامة.

د/ تفادي عيوب السلطة المقيدة:
لطالما وُصِفَت السلطة المقيدة بالركود وقتل روح المبادرة، وعدم تغيير الحال إلى أفضل وهدر للمصلحة العامة وبهذا تعتبر السلطة التقديرية ضرورة لابد منها لحسن سير الإدارة وضمان استمرارية الخدمة العمومية واجتناب تعطيلها بمبررات قانونية جامدة.

ه/ ضمان رقابة السلطة الأعلى:
لا خوف من منح الإدارة السلطة التقديرية، طالما هناك سلطة أعلى مقابلة لها تستطيع أن تحدها أو توازنها إن هي إنحرفت عن مبدأ أساسي ألا وهو المشروعية، كذلك مع وجود السلطة المقيدة في الحقوق والحريات الأساسية للأفراد فلا يترك مجال للإدارة في هضمها والدوس عليها.

المرجع:
مهداوي عبد القادر - الرقابة الإدارية على السلطة التقديرية للإدارة - مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير تخصص قانون إداري. 2019/2020
Title: Re: السلطة التقديرية للادارة
Post by: Benahmed Abdelkrim on February 03, 2022, 04:07:39 PM

السلطة_التقديرية(الجزءالثالث)

#أركان_السلطة_التقديرية:
عند استعمال الإدارة لسلطتها التقديرية، فإنه توجد حدود معينة تحد هذه السلطة في
نطاق كل شرط من شروط صحة القرار الإداري. هذه الشروط تدعى بأركان السلطة التقديرية، وتتمثل هذه الأركان في الإختصاص، الشكل، السبب، المحل، الغاية. ويتعين على الإدارة عند استخدامها لسلطتها التقديرية مراعاة هذه الأركان واحترامها، وإلا أصبحت قراراتها معيبة وغير صحيحة وفاقدة للشرعية.

1/ ركن الاختصاص:
إن عيب عدم الإختصاص هو أول وأقدم سبب من أسباب الحكم بالبطلان وهو العيب الذي يصيب القرار الإداري من حيث الهيئة أو الفرد المؤهل بإصداره
(vice de compétence)
، فهذا الأخير يعني انعدام القدرة والأهلية أو الصفة القانونية على اتخاذ قرار إداري معين لحساب الإدارة. فعلى سبيل المثال إذا قام موظف ما في مؤسسة تربوية برئاسة اجتماع مجلس التربية والتسيير عوض الآمر بالصرف وهو ليس من اختصاصه، تكون القرارات والاجراءات المتخذة في هذا الاجتماع باطلة من تلقاء نفسها لعيب الاختصاص وينتج عن ذلك إلغاء الاجتماع وجميع مخرجاته، باستثناء الحالات التي تكلف فيها السلطة الإدارية الأعلى متمثلة في مديرية التربية آمرا بالصرف للقيام بمهام الآمر بالصرف المعين والذي تعذر عليه الحضور.

فبالنسبة لركن الاختصاص لا توجد للإدارة في مجاله سلطة تقديرية لأنه محدد بالقانون، والإدارة إما أن تكون مختصة فيحق لها مباشرة مهامها التي حددها لها التشريع والتنظيم الجاري بهما العمل، وإما ألا تكون كذلك فيمتنع عليها، وليس لها في ذلك حرية الاختيار.

2/ ركن الشكل:
يعتبر الشكل المظهر الخارجي الذي تعبر من خلاله الإدارة عن إرادتها المنفردة والملزمة للأفراد، كشكل الكتابة، وضرورة وضع الختم، والتوقيع... وعلى الإدارة أن تتقيد باحترام الأشكال و الإجراءات الجوهرية التي
يحددها القانون، حتى لا يلحق البطلان بقراراتها نتيجة لعيب الشكل
(vice de forme)،
بينما تتمتع الإدارة بسلطة تقديرية وحيدة فيما يتعلق بالأشكال غير الجوهرية التي يطلب القانون مراعاتها ولم يرتب البطلان على مخالفتها إذ يكون في مقدورها اتخاذ الشكل الذي تراه مناسبا لإصدار قرارها فيه. فعلى سبيل المثال يطلب التشريع انعقاد بعض المجالس باحترام آجال معينة (15 يوما، 8 أيام، ...) لكنه لم يرتب بطلان هذه المجالس في حال مخالفة شكل الآجال( أقل من المدة المحددة)، خاصة في الظروف الاستثنائية والغير عادية التي لا تحتمل التأجيل أو التأخير فقد تركها المشرع لتقدير الإدارة.

في حين نرى المشرع يلزم الادارة بضرورة احترامها لشكل الآجال في بعض المجالس على غرار المجالس التأديبية لما لها من أثر بالغ على مسار الموظف المهني، وما يترتب عنها من طعون في قراراتها الموسومة بعيب شكل الأجال. على عكس المجالس الأخرى التي لا يترتب عنها أي طعن في قراراتها، عند مخالفتها لشكل الآجال، إذ يشترط فيها اكتمال النصاب العددي  بحضور أغلبية الأعضاء، وألا تكون المداولات إلا في النقاط المدرجة في جدول الأعمال.
3/ ركن السبب:
هو الدافع الذي يدفع الإدارة للتعبير عن إرادتها وإصدار قراراتها، أو هو تلك الحالة القانونية أو الواقعية المستقلة عن رجل الإدارة التي تسبق العمل والتي تشكل مقدمة ضرورية لكل قرار تتخذه الإدارة، فمثال سبب القرار بتوقيع عقوبة تأديبية على الموظف هو إخلاله بواجباته المهنية أو المساس بالانضباط العام كما هو منصوص عليه في القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية 06/03. إذن يتوجب على الإدارة اصدار قراراتها بناء على واقعة مادية أو حالة قانونية حتى لا تقع في عيب السبب
(vice de motif).
ويشترط لصحة و سلامة سبب القرار الإداري شرطان أساسيان هما: وجوب أن يكون السبب قائما موجودا، و أن يكون السبب الذي استندت إليه الإدارة في قرارها مشروعا.
   لكن الإدارة ليست ملزمة دائما بتسبيب قراراتها فقد ترك لها المشرع سلطة تقديرية في هذا المجال كما هو الشأن فيما يتعلق بواجب الإدارة في المحافظة على الانضباط العام داخل المرفق العمومي، و عند استعمال الإدارة لسلطتها في التقدير، فإنه لا يكفي أن يكون السبب الذي استندت إليه لإصدار قرارها موجودا، بل أن يكون صحيحا من الناحية القانونيـة و مبررا لاتخاذ القرار الإداري.

4/ ركن المحل(أو المضمون):
يقصد بالمحل الأثر القانوني الذي ينشؤه القرار الاداري مباشرة. ويشترط في محل القرار على غرار سببه أن يكون ممكـنا ومشروعا، فإذا كان القرار معيبا في فحواه أو مضمونه
(vice de fond)
بأن كان الأثر القانوني المترتب على القرار مخالفا للقانون، ففي هذه الحالات يكون غير مشروع ومعيبا بمخالفته للقانون.
فعلى سبيل المثال توظيف أستاذ متعاقد في منصب غير شاغر أو غير موجود على الخريطة التربوية والإدارية هو قرار معيب في محله لعدم إمكانية تطبيقه من الناحية الواقعية. وبالتالي فلا مجال للحديث عن سلطة تقديرية للإدارة بل يجب عليها ترتيب الأثر القانوني(المحل) الذي حدده لها المشرع و عليه تكون سلطتها في هذا المجال مقيدة.

5/ ركن الغاية:
يٌعرف ركن الغاية بأنه الهدف الذي تسعى الإدارة تحقيقه من وراء إصدار القرار الإداري فالأصل أن الإدارة تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة من خلال قراراتها، و إذا ما خرجت عن ذلك كان قرارها معيبا بعيب الانحراف باستعمال السلطة أو اساءة استعمالها
(détournement de pouvoir)،
و من هنا فالغاية ليست النتيجة المباشرة للقرار أو الأثر القانوني المترتب عليه، و إنما المقصود هو الغرض أو الهدف الذي أرادت الادارة تحقيقه بإصداره، فليست الغاية من قرار توظيف موظف هي وضعه في مركز قانوني خاص بهذه الوظيفة بامتيازات خاصة، و إنما القصد من وراء ذلك ضمان حسن سير المرفق العمومي.

فسلطة الإدارة بالنسبة لركن الغاية تكون مقيدة حين يلزمها القانون باستهداف غاية محددة في إطار المصلحة العامة على وجه التخصيص، وبالتالي فلا تتمتع حينها الإدارة بأية سلطة تقديرية في اختيار غاية أخرى حتى ولو كانت تلك الغاية متعلقة أيضا بالمصلحة العامة.
ومثال على عنصر الغاية أن قرار إحالة موظف على المجلس التأديبي، فالغاية منه هو الحرص على حسن سير المرفق العام، وضبط سلوك الموظف والتحكم فيه، وسببه يتمثل في ظهور الوقائع والتصرفات المنسوبة للموظف المسؤول تأديبيا، أما محل القرار هو الأثر القانوني الذي يحدثه قرار المجلس، كانهاء علاقة العمل، أو التحويل إلى مؤسسة أخرى، أو التنزيل من الدرجة أو الرتبة، أو تسليط عقوبة أخف من ذلك، أو حتى تبرئته من الأفعال المنسوبة إليه إذا تبين ذلك بالحجج  والأدلة الدامغة.
Title: Re: السلطة التقديرية للادارة
Post by: Benahmed Abdelkrim on February 03, 2022, 04:10:59 PM

السلطة_التقديرية(الجزء الرابع)

القواعد الآمرة والقواعد المكملة:

تنقسم القواعد القانونية، إلى قسمين قواعد آمرة  وقواعد مكملة.

1/ القواعد القانونية الآمرة:
القواعد الآمرة هي القواعد الملزمة على إتباعها واحترامها حيث لا يجوز مخالفة حكمها، وتعتبر كل مخالفة لأحكامها باطلة لا يعتد بها لأن هذا النوع من القواعد القانونية يتولى تنظيم مسائل تتعلق بإقامة النظام في المجتمع ولذلك فإنه لا يصح أن يترك مثل هذا التنظيم لإرادة الغير. وليس للإدارة سلطة تقديرية في هذا المجال.

ومن أمثلة القواعد الآمرة القواعد التي تتعلق بشكل الدولة أو نظام الحكم فيها والعلاقات بين السلطات العامة، قواعد تقنين العقوبات التي تنظم الجرائم والعقوبات المقررة لها، القواعد التي تنظم حركة المرور، والقواعد المتصلة بالميراث، وبعض القواعد المسيرة للمرافق العامة التي تقتضي الالزامية في تطبيقها وعدم جواز مخالفتها والتي نص عليها المشرع كواجبات مهنية، كواجب التحفظ المفروض على الموظف، وواجب حفظ السر المهني، وواجب عدم المساس بالانضباط العام داخل المرفق العمومي.... الخ

2/ القواعد القانونية المكملة:
القواعد المكملة هي تلك القواعد التي لا تحوز على درجة الالزامية في تطبيقها لأنها لا تتصل بالمصلحة العامة، ولا ينتج عن مخالفتها ضرر على الفرد والمجتمع. ومن الأمثلة على ذلك الاتفاقات التي تحدث بين البائع والمشتري، وبين المؤجر والمستأجر، وما ورد في بعض أحكام التشريع والتنظيم الجاري بهما العمل ...الخ. كما يمكن للإدارة أن تمارس سلطتها التقديرية في هذا المجال، ما لم يرد نص قانوني بخلاف ذلك.

3/ معايير التفرقة بين القواعد الآمرة والقواعد المكملة:
لقد توصل الفقه القانوني إلى استنباط معيارين لمعرفة طبيعة القاعدة القانونية وهما: المعيار اللفظي(أو الشكلي)، والمعيار الموضوعي(أو المعنوي).

أ- المعيار اللفظي:
يمتاز هذا المعيار بسهولة تطبيقه، حيث يعتمد في التعرف على طبيعة القاعدة القانونية من منطوق النص وألفاظه.  فالألفاظ والعبارات المستخدمة في القاعدة القانونية تشير بشكل واضح ما إذا كانت القاعدة آمرة أو قاعدة مكملة. يعتبر المعيار اللفظي معيارا جامدا، لأنه يحدد طبيعة القاعدة تحديدا لا يحتاج إلى بذل أي مجهود فكري أو استخدام أية سلطة تقديرية...
في القواعد الآمرة يتم استعمال عبارات مثل: يجب،
لا يجوز،
لا يمكن،
يُمنع،
يلزم،
يعاقب على،
يقع باطلا كل ما يخالف،
باطل ولو كان برضاه... إلخ.

ومن أمثلة ذلك ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 207 من ق.أ.ع.و.ع 06/ 03 : "باستثناء الحالات المنصوص عليها صراحة في هذا الأمر، #لا_يمكن الموظف، مهما تكن رتبته، أن يتقاضى راتبا عن فترة لم يعمل خلالها. #يعاقب على كل غياب غير مبرر عن العمل بخصم من الراتب يتناسب مع مدة
الغياب، وذلك دون المساس بالعقوبات التأديبية المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي.."

وكذلك المادة 166 من نفس القانون السالف الذكر: " #يجب أن يخطر المجلس التأديبي، بتقرير مبرر من السلطة التي لها صالحيات التعيين، في أجل لا يتعدى خمسة وأربعيـن (45) يوما ابتداء من تاريخ معاينة الخطأ. يسقط الخطأ المنسوب إلى الموظف بانقضاء هذا الأجل."

وكذلك المادة 200 من نفس القانون المذكور أعلاه: " لا_يجوز إنهاء علاقة العمل أو إيقافها أثناء العطلة السنوية."

في القواعد المكملة يتم استعمال عبارات مثل: يمكن،
يجوز،
يحق،
ما لم يرد اتفاق مخالف،
ما لم يوجد اتفاق أو نص قانوني يقضي بخلاف ذلك ...الخ

ومن أمثلة ذلك ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 167 من ق.أ.ع.و.ع 06 /03 : " يحق للموظف الذي تعرض لإجراء تأديبي أن يبلغ بالأخطاء المنسوبة إليه وأن يطلع على كامل ملفه التأديبي في أجل خمسة عشر (15) يوما ابتداء من تحريك الدعوى التأديـبية."

وكذلك المادة 171 من نفس القانون سالف الذكر: " يمكن للجنة الإدارية المتساوية الأعضاء المختصة المجتمعة كمجلس تأديبي طلب فتح تحقيق إداري من السلطة التي لها صالحيات التعيين، قبل البت في القضية المطروحة."

ب- المعيار الموضوعي:
أحيانا قد لا تساعد الألفاظ أو العبارات الواردة في نص القاعدة القانونية على معرفة ما إذا كانت القاعدة آمرة أم مكملة، أى أن اللجوء إلى المعيار اللفظي لا يفيد في تحديد طبيعة القاعدة القانونية.

وعلى هذا الأساس جاءت فكرة الأخذ بالمعيار الموضوعي عند تعذر استعمال المعيار اللفظي.

  يعتمد هذا المعيار على أساس النظر في الموضوع الذي تنظمه القاعدة القانونية، فإذا كان هذا الموضوع متعلقاً بالمصالح الأساسية التي ينهض عليها المجتمع، والمرافق العامة للدولة تكون القاعدة آمرة، وخلاف ذلك تكون القاعدة مكملة.

ومن أمثلة ذلك ما نص عليه المشرع الجزائري في المادة 142 من ق.أ.ع.و.ع رقم 06 /03 : " يتقاضى الموظف الذي يوجد في وضعية خارج الإطار راتبه ويتم تقييمه من قبل المؤسسة أو الهيئة التي وُضع لديها في هذه الوضعية."

وكذلك المادة 217 من القانون المذكور أعلاه: " الاستقالة حق معترف به للموظف يمارس ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون الأساسي."